عماد تريسي
تاريخ التسجيل : 29/06/2011
| موضوع: ( بين شاطئين ) الأحد 3 يوليو 2011 - 0:21 | |
| . .
( بين شاطئين )
/ / /
على شرفات الطرق , تتقاطع الأيام , تعاتب خطواتها , تمسكُ - البهية منها - بتلابيب التعاسة , تود لو أنها تسلبها بقاءها قصاصاً ..... !
يُحكى أنَّ الهناء كان ابناً وحيداً للحياة , فَسَئِمَ الرتابة و هو يتنقَّل بين شطآن الفرح و مرتع الصفاء و أحضان السعادة , فشاء أن يستطعم لوناً آخر من الأيام . أجهد النفس في استكناه اللون الآخر لها , فانكفأ خالي الوفاض إلّا من أشباه ثوانيه المعتادة حين لم يرَ إلا صوراً مستنسخةً من رتابته ! . فاختلى - حين إلحاحِ رغبته - بإحدى لياليه المُقْمِرة – و كلها قمراء لا ظُلمة فيها – , مؤثراً الصمت كلغة حوار ما بينهما . أمعن في سبر عوالمها علَّه إن عانق ضالته أن يشفي بها أمنية نفسه ! و لم يَدُر في خلده أنَّ ليلته المختارة بلآلئها وسيدها البدر قد استرقوا سمع حديث نفسه خِلسةً , و حاروا في أمره بأنَّه يرتجي استبدال الذي هو أدنى بالذي فيه خير! فألقوا في روعِه أنَّ سعيه ذميمٌ! فمن ذا يستطيب المرَّ من الأيام و الأقدار ! فأيقن بعد ذاك الوحي أنَّ بصيرته قد اعتراها ما يعتري العين من بياض , حتى باتت لا ترى الحق مجرداً . فما اللآلئ في كبد السماء إلا مِنْ رَحِمِ بهيم الليل الأسود , وأنَّ الوجه الآخر منها ما هو إلا سوادٌ لا يُشتهى . فلا يَغُرنَّ المرءَ ضياءٌ ينضح من جحيم تستعر لتنير الليالي .
و يحكى أنّي آليت أن أهجر الشمس بضيائها لأستقر قُبالة بدرٍ فأناجيه , لأبثه بعضاً من شكواي - وهو من يجيد استراق سمع نجواي - . فابتدرني شاكياً : ويح مَنْ لا يراني إلا منيراً ! ويجهل أنّي لا أتلمس دربي إلا من العتمة .أوَ لسنا في أيامنا نرتقي صهوة أرجوحةٍ بين ضفتي هناءٍ و شقاء ! طوبى لمن كان شوط هنائه أطول .
\ \ \
عماد
. . | |
|